مصادر الضغوط النفسية

مصادر الضغوط النفسية
أخصائي نفسي / فريدة فؤاد
ينشأ الضغط النفسي نتيجة التفاعل ما بين الفرد ومجموعة العوامل الخارجية او الداخلية البيئية منها والشخصية والتي تتمثل في العوامل الجسمية والعقلية والانفعالية اذ يؤكد دانزيDanzi على ان الضغط النفسي ينشأ من :
عوامل جسمية : مثل تلف في احد اعضاء الجسم
وعوامل عقلية وانفعالية : مثل القلق والخوف
ويرتبط الضغط النفسي بأفعال وانفعالات سلبية وايجابية : فمثالا قد يصبح الفوز بجائزة ضاغطا لاحتمالية كسب الجائزة او خسارتها.
وقد تنشأ الضغوط من داخل الشخص نفسه نتيجة الازمات التي يعيشها وتسمى ضغوطاً داخلية
او قد تكون من المحيط الخارجي: مثل العمل، العلاقة مع الأصدقاء والاختلاف معهم في الرأي او الاضطرابات السرية او المشكلات العائلية او خلافات مع شريك الحياة، او الطلاق او موت شخص عزيز او خسارة مالية تجارية او التعرض لموقف صادم مفاجئ تسمى ضغوطا خارجية.
وعلى العموم فإن الضغوط سواء اكانت داخلية المنشأ نتيجة الانفعالات او الحالة النفسية وعدم قدرة الفرد على البوح بها وكبتها او ضغوطا خارجية متمثلة في احداث الحياة فإنها تعد استجابات لتغيرات بيئية.
فأحداث الحياة اليومية تحمل معها ضغوطا يدركها الإنسان عندما يسير باستمرار المواقف المختلفة في العمل او التعاملات مع الناس او المشكلات التي لا يجد لها حلول مناسبة او تسارع احداث الحياة ومتطلباتها وهي تحتاج الى درجة اعلى من المسايرة لغرض التوافق النفسي وربما يفشل في هذه الموازنة الصعبة فحتى اسعد البشر تواجههم الكثير من خيبة الامل والصراعات الاحباط والانواع المختلفة من الضغوط اليومية ولكن عددا قليل منهم نسبياً هم الذين يواجهون الظروف القاسية.
ان مسببات الضغط يمكن تصنيفها الى :
مسببات داخلية : كوظائف الاعضاء
والطبيعة الشخصية : كالعقل وما يحمله من افكار
ومسببات خارجية : كالأمور الشخصية والمعيشية والظروف البيئية.
وتعتمد مسببات التوتر على :
التجارب السابقة، ونمط الشخصية، البرمجة السابقة للوعي ويمكن تقسيم مسببات الضغوط الى العوامل التالية:
اولا: احداث ومشكلات نفسية داخلية
ويدفعه على مقاومة الاخطار والإعداد لمواجهة المستقبل فتلك وظيفة لابأس بها من الوظائف التكيفية والصحية للانفعال فالخوف لدى المريض المصاب بارتفاع ضغط الدم قد يكون قوة دافعة له لكي يحد من الصوديوم في طعامه ولكي يتذكر تعاطي ادويته بانتظام والخوف لدى المريض المصاب بالسكر يدفعه على المستوى اليومي تقريبا الى الاهتمام بوزنه ومراقبة طعامه جيدا والانتظام في اخذ كمية الانسولين المطلوبة.
وخوف الاعلامي من المرض عند اجرائه مقابلة تلفزيونية قد يدفعه الى اخذ المضاد لمجرد شكه بأنه قد يصاب بالمرض او خوف الاعلامي من عدم الوصول الى الحقيقة التي يبحث عنها بدفعه الى التفكير في مهن اخرى يستطيع الوصول بها ليرضا اكثر من ذاته.
لكن في حالات كثير قد تتحول الانفعالات الى مصدر من مصادر الاضطراب في الحياة النفسية والاجتماعية للفرد بما فيها وظائفه البدنية وما يرتبط بها من صحة او مرض كما في حالات القلق والاكتئاب النفسي والإصابة بالأمراض النفسية المختلفة
ثانيا: الظروف والمشكلات الصحية
تنشط الغدد وتتضخم الغدة الادريناليه بشكل خاص ويتزايد اطلاق الادرينالين منها عندما نواجه ضغوطا او مشكلات صحية ونتيجة لهذا النشاط غير العادي في افرازات الادرينالين تتحول الأنسجة الى جلوكوز يمد الجسم بطاقة لتجعلها في حالة تأهب دائم وهو شيء يحدث لدينا جميعا في المواقف الانفعالية وقد اثبت سيلي ان استمرار تعرض حيواناته للضغوط الصحية بما في ذلك تعريضها لبرودة شديدة او لدرجات عالية من الحرارة او بحقنها بفيروسات يفقدها القدرة على المقاومة طويله.
فالمرض يمثل بالنسبة لها في البداية مشقة تتطلب منها مزيدا من حشد الطاقة تمر عليها ثانيا فترة مواءمة واعتياد كمحاولة للتكيف مع مصادر الضغط ومقاومتها ولكن ذلك قد يستمر لفترة تشعر الحيوانات بعدها بالإجهاد والارهاق ثم اخيرا تنفق وتموت.
كذلك تبين ايضا ان ظهور الأمراض النفسية يرتبط بأنماط الضغوط النفسية التي يعاني منها الفرد فبداية ظهور وتطور الأمراض النفسية يظهر اثر التعرض للتغيرات الحياتية كالفشل الدراسي او وفاة احد الاقارب او توقع الانفصال عن الأسرة او تغير الدخل المفاجئ نتيجة للفصل عن العمل وينطبق هذا على الامراض النفسية الخفيفة كالقلق والاكتئاب النفسي والامراض العقلية الشديدة كالانتحار والفصام.
وهكذا نتبين من الأدلة السابقة ان المرض يعتبر مصدرا اساسيا للضغط النفسي ويعتبر ايضا نتيجة منطقية للشعور بتزايد الضغوط مما يفسر تزايد نسبة تعرضنا للأمراض الخفيفة او الشديدة في اوقات الازمات او اثناء الامتحانات او السفر او تزايد الأعباء التي تتطلب مزيدا من العمل الإضافي والتركيز الشديد.
ثالثا: الظروف والمشكلات الاجتماعية وأحداث الحياة اليومية
تعتبر الحياة مع الجماعة والانتماء لمجموعة من الاصدقاء او لشبكة من العلاقات الاجتماعية المنظمة من المصادر الرئيسية التي تجعل للحياة معنى ومن ثم توجهنا عموما للصحة والكفاح والرضا وقد بينت حديثا دراسات ) هارفارد( التي قام بها مكلالند وزملاؤه ان اضطراب العلاقات الاجتماعية قد يلعب دورا مدمرا للصحة.
وللتحقق من هذه الفكرة درس مكلالند وزملاؤه ما يسمى بالدافع للانتماء أي الرغبة في تكوين اسرة وعلاقات اجتماعية والتواجد مع الاصدقاء والالتقاء مع الاخرين والتزاور معهم بانتظام وتشير نتائجهم على وجه العموم الى ان الدافع القوي للانتماء الاجتماعي وتقبل الحياة مع جماعة وتقبل الآخرين لنا جميعها اكثر ارتباطا بالصحة في جانبها النفسي وجانبها العضوي معها.
فالإعلامي يواجه صراعا في البقاء مع الاخرين عند القيام بمتابعة اخبارية واقامة علاقات مع الاخرين او البقاء وحيدا والبحث عن السبق الصحفي الذي قد يكون مميزا له عنهم وهذا ما يخلق له ضغطا.
رابعا: ظروف وضغوط العمل والانجاز
والضغوط في جانبها الانجازي تعوق التعلم الكفء ويمكن ان تؤدي الى الفشل والعجز عن الانجاز وكراهية العمل، وما يصحب ذلك من احباط نفسي واضطرابات انفعالية وعقلية متعددة المصادر.
فالإعلامي يميل الى الانجاز والا فإن المؤسسة التي يعمل بها لن تكون راضية عنه فإذا لم يتمكن من احضار افكار جديدة او طرح وجهات نظر مختلفة وانجاز متميز فإنه سيعاني من الضغط في العمل حيث لن يكون المسؤولون في العمل راضيين عن ادائه.
خامسا: التطورات التكنولوجية والعالمية ومتطلبات العولمة
اذ تعتبر وسائل الاعلام وما تتضمنه من مدخلات حسية وسمعية وبصرية وما يتوفر من مستلزمات تكنولوجيا حديثة بأجهزتها ومعداتها مثل الحاسوب والفيديو والتلفاز المبرمج وشبكة المعلومات الانترنت والتدفق الثقافي المفتوح كلها اصبحت مصادر ضغط نفسي للفرد سواء من يستخدمها او من يجهل استخدامها.
فالإعلامي مطالب باستمرار بأن يكون على دراية ومعرفة بكل التطورات التكنولوجيا في مجال الحقل الاعلامي فإذا لم يواكب التطور فإنه سيعاني من الضغوط ولن تجد محطته الإعلانية التفرد والاقبال من الجماهير.
وقد اوضح ) ميلر( مصدرين للضغوط هما:
الضغوط الداخلية: وهي تابعة من المعتقدات والافكار الخاطئة مثال ذلك افتراضات الصحفيبضرورة معرفته لكل الأحداث ونماذج السلوك المثالي في كل وقت وهذهافتراضات غير واقعية ويجب ان يعرف الصحفي انه انسان ليس كالمال ، فهويشعر وينفعل ولديه حاجات متعددة كما يعني من مشاكل يومية كثيرة، ومحاولته العيش فوق مستوى قدراته الشخصية مما يؤدي حتما الى
الضغوط.
الضغوط الخارجية: المواقف المسببة للضغط مثل ضغوط القيم، المعتقدات المبادئ والصراع بين العادات والتقاليد التي يتمسك بها الفرد وبين الواقع مما يسبب له ضغوطا عالية وتتحدد الضغوط بالموقف الذي يسبب الصراع بين القيم والواقع.
فالمراسل المضطر اثناء الحروب الى ان يكون محايدا فيغطي الخبر بجميعجوانبه مبتعدا عن التحيز وقد يضطره ذلك للتعامل مع العدو لوطنه من اجلسؤاله عن بعض القضايا المتعلقة بالأحداث الجارية قد يسبب له ذلك ضغطافي تعامله المحايد بما يخالف عاداته ومعتقدات وقيمه.