الاكتئاب والشخصية النرجسية

د / إسراء محمد
هل الاكتئاب ناتج عن النرجسية؟
رغم جهل الدراسات بالسبب الحقيقي لارتفاع نسبة الإصابة بالاكتئاب، فإنها لم تعجز عن التوصل إلى حقيقة تدخل النرجسية المرضية في ذلك لكن هناك بعض التوقعات التي ربما تكون سببًا في مصاحبة الاكتئاب للنرجسية:
- العقبات التي يواجهها الفرد مع شعوره باحترام الذات: وهو ما لاحظته الأبحاث التي تناولت الأشخاص الذين يعانون النرجسية الضعيفة.
- عدم ملاقاتهم الانتباه والتقدير الذين يأملونه: وفقًا لإحدى الدراسات قد لا يمتلك النرجسيون المهارات اللازمة للتكيف مع شعورهم بالخزي وانعدام الأهمية.
- اختلاف وجهات النظر: قد يشعرون بالحيرة والإحباط عندما لا يراهم الآخرون بنفس المنظور الإيجابي الذي يرون أنفسهم به، أو عندما لا يقعون في فخ دور الضحية.
- القلق المزمن: عادةً ما تقلقهم المشكلات الشخصية (تحديدًا في العلاقة العاطفية) خوفًا من أن يخطئوا التصرف بما تمليه عليهم سلوكياتهم.
تعد ظواهر إظهار الحب وإبداء الإعجاب طبيعية ومتبادلة، لكن يميل النرجسيون دائمًا إلى السعي إلى الشعور بالتقدير وتطلب المدح، الذي لا يبدو أنه يملأ عيونهم أبدًا وقد يؤدي هذا بهم إلى الشعور بالوحدة والفراغ ما يتسق مع أعراض الاكتئاب
كيف تظهر أعراض الاكتئاب إلى جانب سمات النرجسية؟
قد تتشابه أعراض الاكتئاب لدى مصابي النرجسية (صريحة كانت أم خبيثة) مع تلك لدى مرضى الاكتئاب، وتتضمن الآتي:
- شعور مزاول بالحزن والإحباط
- الشعور بالفراغ
- فقدان الأمل
- التشاؤم
- حساسية الفرد تجاه الأمور المزعجة
- الافتقار إلى المتعة التي اعتاد الفرد شعورها في أثناء ممارسة الأنشطة والهوايات المفضلة لديه
- الشعور بالإجهاد والتعب سريعًا
- صعوبة التركيز، والنسيان المتكرر
- الشعور بألم في المعدة أو مشكلات في الهضم دون مبرر أو سبب مَرضي جسدي
- فقدان الرغبة في البقاء على قيد الحياة
- الأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار
قد يميل مصابو النرجسية إلى التصرف بعدوانية واستنكار إن لم يلاقيهم العالم الخارجي بما يتفق مع إدراكهم الذاتي.
نظرت إحدى الدراسات في أعراض الاكتئاب بين 117 فردًا تلقى علاجه في العيادات الخارجية، شُخص 61 فردًا منهم بالنرجسية، بينما 56 لم يعانوا أي اضطراب في الشخصية.
جاءت النتائج مختلفة للغاية فيما يتعلق بكيفية ظهور أعراض الاكتئاب بين المجموعة دونًا عن الأخرى فالصفات التالية كانت أكثر ظهورًا على مصابي النرجسية:
- الاكتئاب التفاعلي أو اكتئاب تغير الحالات «أي عندما تترتب الأعراض على ظروف الفرد البيئية»
- حالات الاكتئاب المتقلبة «أي عندما لا تكون الأعراض متسقة فتستمر في الظهور ومن ثم الاختفاء بما لا يسمح بتشخيص الحالة على أنها اكتئاب»
- اجترار مشاعر معادية تجاه الآخرين، لا الذات
- الفكر الانتحاري المُفتعل من عوامل خارجية
- الأرق
- نقص الوزن أو فقدان الشهية
بكلمات أخرى قد يكون اكتئاب الشخصية النرجسية موجهًا نحو الآخرين وكذلك داخليًا، وقد يرتبط ارتباطًا وثيقًا في البيئة المحيطة من ظروف وأشخاص.
أما فيما يخص هؤلاء ممن لم يعانوا اضطرابات الشخصية النرجسية فبدت أعراض الاكتئاب لديهم موجهة داخليًا وأكثر استمرارية ويمكن ملاحظتها من قبل الآخرين
الإصابة النرجسية العدوانية:
في حين أن معظمنا شعر بالإحباط أو الانتقاد أو الرفض في مرحلة ما في حياته، إلا أن الذي يتمتع منا بذكاء عاطفي ونسب صحية من احترام الذات قادر على تجاوز تلك المشاعر السلبية ونسيانها، ولكن غالبًا ما يلجأ النرجسيون إلى الغضب والعدوانية لتخليص تلك المشاعر، فتزاوله في المقابل مشاعر من الفراغ والانهزام في ظاهرة تعرف باسم «الإصابة النرجسية».
تُعرّف الإصابة النرجسية وفقًا للطابعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية على أنها حساسية مفرطة تجاه الانتقاد، أكان فعليًا أم من محض خيال المتلقي.
بينما يترسخ لدى النرجسي شعور من الانحطاط والفراغ والإهانة، يصيب هؤلاء ممن يعانون الإصابة النرجسية الازدراء والجموح والغضب والرغبة في الانتقام قد يصل بهم الأمر إلى إلقاء اللوم على الآخرين لتبرير شعورهم بالنقص وعدم الكفاءة، وأن صورتهم الذاتية أصبحت مهددة نتيجة أخطائهم أو فشلهم الشخصي.
في حين أن ما سبق لا يشبه أعراض الاكتئاب، فإنها قد تكون نتيجة أعراض مماثلة لليأس والشعور بالعجز
ماذا نفعل إذا كنا مصابين بالنرجسية والاكتئاب معًا؟
إذا كنت تعتقد بأن لديك صفات الشخص النرجسي وأعراض الاكتئاب أيضًا، يمكنك التوجه إلى خبير الصحة النفسية بإمكان المعالج أن يساعدك في التعامل مع الأعراض وإيجاد ذاتك بأفضل صورة يوجد العديد من أنواع العلاج النفسي ذي الفاعلية المثبتة في مساعدة من يعانون أعراض الاكتئاب.
تعلُّم حب الذات وتقديرها أيضًا أمر محوري عندما يكون الشخص نرجسيًا متكئًا على تقدير وحب الآخرين له
إن التوافق الاجتماعي والإحساس بالقيمة و التقدير، لكن إذا ما أحس الفرد بالفشل وعدم قدرته على ّ مجابهة الحياة والقلق فهناك وسائل للتخفيف من حدته ، فإنه قد يلجأ إلى عد التوتر ّ و في بعض الأحيان يعجز عن فعل أي شيء، مما نجده في حالة إحباط كبير.
وهذا للنظر من جوانب عديدة واتخاذ ما هو أحسن، إعادة الثقة بالنفس وبأهمية التكفل النفسي لإعادة الاتزان النفسي، لهذا ينبغي القيام بهذا التدخل العلاجي النفسي لهذه الحالات بدلا من الاكتفاء فقط بالتدخل العلاجي الطبي
وفي نهاية بحثنا، والذي تناول قضية هامة، وتتمثَّل في “النرجسية” بين الفئات العمرية المختلفة ومن الجنسين، وأوضحنا من خلال البحث طرق مُجابهة تلك المشكلة، وعلى مستويات عدَّة.
إن رحلة البحث للتَّعرُّف على سبب الإشكالية (النرجسية) كان شاقًّا، ولم يكن باليسير
ولقد حاولنا قدر المستطاع أن نستنهض الهمة، ودافعنا في ذلك تحقيق المواجهة الحاسمة مع تلك الآفة المجتمعية الخطيرة.
ومن خلال ما تم التوصل إليه من نتائج……..، والتي جاءت مُلهبة لمشاعرنا، وزادتنا قوةً وبأسًا وصبرً
وكانت دافعًا لنا لوضع مقترحات دقيقة، ويمكن من خلالها الحد من انتشار الاضطرابات النرجسية……………..
لم نكن بذلك مُبتدئين، ولا مُنتهين؛ فهناك الكثيرون من الباحثين الذين يمكنهم تناول ذلك الموضوع بالدراسة، ومحاولة طرح فرضيات واستفسارات مهمة.
قد تمنحهم أفضلية عنا، وسوف نكون سعداء بذلك، فجميعنا يدًا واحدة في سبيل تخطي السلبيات والمعوقات الاجتماعية. والتي قد تقف حجر عثرة في سبيل تحقيق الأهداف العامة، والتي ننشدها جميعًا، وفي حالة وجود قصور في أحد أوجه الطرح المقدمة عبر البحث العلمي.