الانترنت – مستقبل جيل ( 3 )عصر الذكاء الاصطناعي وعلماء المستقبل

د / أمل الهاتوني
مفهوم مصطلح الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence ( AI ) : 1
هو سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية ، تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها ، ومن أهم هذه الخصائص القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة . ”
- صاغ عالم الحاسوب جون مكارثي هذا المصطلح بالأساس في عام 1956 م ، وعرَّفه بنفسه بأنه : ” علم وهندسة صنع الآلات الذكية . “
- ويُعرِّف أندرياس كابلان ومايكل هاينلين الذكاء الاصطناعي بأنه : ” قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بشكل صحيح ، والتعلم من هذه البيانات ، واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن ..
تاريخ بحوث الذكاء الاصطناعي :
في منتصف القرن العشرين بدأ عدد قليل من العلماء استكشاف نهج جديد لبناء آلات ذكية بناءً على
- الاكتشافات الحديثة في علم الأعصاب
- ونظرية رياضية جديدة للمعلومات
- وتطور علم التحكم الآلي
أُسس المجال الحديث لبحوث الذكاء الاصطناعي في مؤتمر في حرم كلية دارتموث في صيف عام 1956م ولقد أصبح هؤلاء الحضور قادة بحوث الذكاء الاصطناعي لعدة عقود وهم :
- جون مكارثي
- مارفن مينسكاي
- ألين نويل
- هربرت سيمون : الذي أسس مختبرات للذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجامعة كارنيجي ميلون (CMU) وستانفورد
كانوا وتلاميذهم قد كتبوا برامج أدهشت معظم الناس ، ولقد كان الحاسب الآلي يحل مسائل في الجبر ويثبت النظريات المنطقية ويتحدث الإنجليزية .
وبحلول منتصف الستينات أصبحت تلك البحوث تمول بسخاء من وزارة الدفاع الأمريكية وهؤلاء الباحثون قاموا بالتوقعات الآتية:
- عام 1965م هـ. أ. سيمون قال : الآلات ستكون قادرة في غضون عشرين عاما علي القيام بأي عمل يمكن أن يقوم به الإنسان
- عام 1967م مارفن مينسكي قال : في غضون جيل واحد… سوف يتم حل مشكلة خلق الذكاء الاصطناعي بشكل كبير .
ولكنهم فشلوا في إدراك صعوبة بعض المشاكل التي واجهتهم.
وفي عام 1974م ورداً على انتقادات السير جيمس لايتيل الإنجليزي والضغط المستمر من الكونغرس لتمويل مشاريع أكثر إنتاجية قطعت الحكومتين الأمريكية والبريطانية تمويلهما لكل الأبحاث الاستكشافية غير الموجهة في مجال الذكاء الاصطناعي وكانت تلك أول انتكاسة تشهدها أبحاث الذكاء الاصطناعي .
في أوائل الثمانينات شهدت أبحاث الذكاء الاصطناعي صحوة جديدة من خلال النجاح التجاري للنظم الخبيرة وهي أحد برامج الذكاء الاصطناعي التي تحاكي المعرفة والمهارات التحليلية لواحد أو أكثر من الخبراء البشريين .
وبحلول عام 1985 م وصلت أرباح أبحاث الذكاء الاصطناعي في السوق إلى أكثر من مليار دولار، فبدأت الحكومات التمويل من جديد ، وبعد سنوات قليلة وفي عام 1987م شهدت أبحاث الذكاء الاصطناعي انتكاسة أخرى ولكن أطول .
ولكنه عاد من جديد في التسعينات وأوائل القرن الواحد والعشرين ليحقق الذكاء الاصطناعي نجاحات أكبر ، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي في اللوجستية ، واستخراج البيانات ، والتشخيص الطبي والعديد من المجالات الأخرى وفي جميع أنحاء صناعات التكنولوجيا.
ويرجع ذلك النجاح إلى عدة عوامل هي :
- القوة الكبيرة للحواسيب اليوم
- وزيادة التركيز على حل مشاكل فرعية محددة .
- وخلق علاقات جديدة بين مجال الذكاء الاصطناعي وغيرها من مجالات العمل في مشاكل مماثلة .
- وفوق كل ذلك بدأ الباحثون الالتزام بمناهج رياضية قوية ومعايير علمية صارمة .
وفي القرن الواحد والعشرين أصبحت أبحاث الذكاء الاصطناعي على درجة عالية من التخصص والتقنية وانقسمت إلى مجالات فرعية مستقلة .
أنواع الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي يمكن تقسيمه إلى:
- الذكاء الاصطناعي الضيق :
وهو الذكاء الاصطناعي الذي يتخصص في مجال واحد فمثلا هناك انظمة ذكاء اصطناعي يمكنها التغلب على بطل العالم في لعبة الشطرنج وهو الشيء الوحيد الذي تفعله.
- الذكاء الاصطناعي العام :
يشير هذا النوع إلى حواسيب بمستوى ذكاء الإنسان في جميع المجالات أي يمكنه تأدية أي مهمة فكرية يمكن للإنسان القيام بها ، وإن إنشاء هذا النوع من الذكاء أصعب بكثير من النوع السابق ونحن لم نصل إلى هذا المستوى بعد.
- الذكاء الاصطناعي الفائق :
يُعرِف الفيلسوف في أكسفورد نيك بوستروم الذكاء الفائق بأنه : ” فكر أذكى بكثير من أفضل العقول البشرية في كل مجال تقريبا ، بما في ذلك الإبداع العلمي والحكمة العامة والمهارات الاجتماعية “
تتضح أهمية الذكاء الاصطناعي حيث يتمثل في :
- الاستنتاج والتفكير المنطقي والمقدرة على حل المشكلات :
وضع الباحثون الأوائل في عِلم الذكاء الاصطناعي الخوارزميات التي تحاكي التفكير المنطقي المتسلسل الذي يقوم به البشر عِند حَل الألغاز أو الاستنتاجات المنطقية .
- تمثيل المعرفة :
وهندسة المعرفة هي محور أبحاث الذكاء الاصطناعي ، فكثير من المشاكل التي يتوقع أن تحلها الآلات سوف تتطلب معرفة واسعة بالعالم .
من بين الأمور التي تحتاج أن يمثلها الذكاء الاصطناعي :
- الأشياء والخواص والمجموعات التصنيفية والعلاقات بين الأشياء .
- المواقف والأحداث ، والدول ، والزمن ، والأسباب والنتائج .
- معرفة المعرفة :
( ما نعرفه عما يعرفه الناس ) ومن بين أصعب المشاكل في تمثيل المعرفة هي:
- التفكير الافتراضي ومشكلة التأهيل :
يعد الكثير مما يعرفه الناس ” افتراضات ” على سبيل المثال :
- عند ذكر الطيور في محادثة عادة ما يرسم مخ الإنسان صورة حيوان في حجم قبضة اليد يغني ويطير.
- بالطبع لا تنطبق كل هذه المواصفات على كل الطيور .
عرف جون مكارثي هذه المشكلة في عام 1969 بـ ” مشكلة المؤهلات ” :
لكل قاعدة منطقية يهتم باحثي الذكاء الاصطناعي بتمثيلها العديد من الاستثناءات ، فلا يوجد شيء تقريبا يمكن القول ببساطة أنه حقيقية أم لا بالطريقة التي يقتضيها المنطق المجرد فكشفت أبحاث الذكاء الاصطناعي عددا من الحلول لهذه المشكلة .
- اتساع المعرفة المنطقية :
من أحد الأهداف الرئيسية أن يفهم جهاز الكمبيوتر عددا وافرا من المفاهيم ليكون قادرا على التعلم من خلال قراءة مصادر مثل الإنترنت وبالتالي يكون قادرا على أن يضيفه إليه .
- التخطيط :
يجب أن تكون العوامل الذكية قادرة على تحديد الأهداف وتحقيقها فهي في حاجة إلى طريقة لتصور المستقبل ( يجب أن يكون لديها القدرة على تمثيل حال البشر في هذا العالم وتكون قادرة على التنبؤ بمدى مقدرتهم على تغييره ) وتكون قادرة على الاختيار لتعظيم ” الفائدة أو القيمة ” من الخيارات المتاحة .
- التعلم ( تعلم الآلة ) :
- كان تعلم الآلة محوريا في أبحاث الذكاء الاصطناعي منذ البداية.
- التعلم بدون إشراف هو القدرة على إيجاد أنماط في عدد كبير من المدخلات.
- التعلم تحت الإشراف يشمل كلا من :
- التصنيف : القدرة على تحديد إلى أي فئة ينتمي شيء ما بعد رؤية عددا من النماذج لعدة أشياء من فئات عدة
- والتراجع : اكتشاف الية مستمرة من شأنها أن تولد نواتج من المدخلات في ضوء مجموعة من المدخلات والمخرجات العددية من الأمثلة.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي :
استخدم الذكاء الاصطناعي بنجاح في مجموعة واسعة من المجالات من بينها :
- النظم الخبيرة ومعالجة اللغات الطبيعية وتمييز الأصوات
- وتمييز وتحليل الصور وكذلك التشخيص الطبي
- وتداول الأسهم
- والتحكم الآلي
- والقانون
- والاكتشافات العلمية
- وألعاب الفيديو ولعب أطفال
- ومحركات البحث على الإنترنت.
- ومن الممكن أيضا دمجها في الحياة الاصطناعية.
نظرة تفاؤل للمستقبل :
ورغم ما سوف يُحدثه هذا الذكاء الاصطناعي من تطورات في شتى مجالات الحياة ونقلة نوعية في نمط حياتنا كما احدثته من قبل شبكات الانترنت
فيجب استيعاب الدرس جيدا وفهم ما سوف نُقدم عليه من تغيرات جذرية في نمط وروتين الحياة اليومي
فيجب فهم ما تقدمه التكنولوجيا والتطور العلمي من نقلة لحياة أكثر رفاهية وأسرع وتيرة .
كما يجب العمل على استراتيجيات خاصة تعكس الوعي والادراك الكامل لهذه المتغيرات اليومية :
- العمل على جعل هذا الجيل الذي أصبح الادمان للإنترنت سمة ملازمة له ، جيل واعيا بخطر الادمان وتحويل هذا الضرر بالعلاج الصحيح والفهم وتغير المعتقدات الخاطئة واستبدالها بمفاهيم العلم والبحث العلمي وأهمية استخدام التكنولوجيا لمزيد من تحقيقي الرفاهية والسعادة وسبل الراحة .
- تحويل هذا الادمان للاستفادة القصوى من مزايا الانترنت وما يقدمه من فوائد عديدة .
كما سيكون هذا التطور القادم ( خلال هذا العام 2023 م كما هو متوقع وذاع عنه من خلال شبكات الأخبار العالمية )
سيكون ” الذكاء الاصطناعي ” والذي سيتطلب منا تضافر الجهود لمواكبته السريعة والتحكم والسيطرة بعدم التعرض لأضرار تدمر حياتنا بدل أن تجعلها أكثر راحة ورفاهية .
لنجعل هذا الادمان خطوة أولى في طريق بداية الوعي الجديد ، ونحول هذا الضرر إلى تقدم وازدهار بالوعي والعمل الجاد
هناك العديد من البرامج والاستراتيجيات والمبادرات ومعها الاستفادة من تلك القدرات الكامنة التي يتمتع بها هذا الجيل في قدرته على التعامل مع هذه التقنيات الحديثة المتطورة
نحتاج لتوجيه هذه القدرات في اتجاه صحيح وتصحيح مسار هذا الجيل من حالات ادمان وضياع واهدار الوقت والطاقات إلى الاستفادة الكاملة لتلك الطاقات المهدرة وتحويلها ليصبحوا علماء للمستقبل من خلال برامج جادة وعلمية لإقامة مجتمع يسعي للنمو والتطور